بين البرِ والبحرِ



~ البحر عذبٌ على روحي ولو أخبرني العالم بأسره بمدى ملوحته

 

في كل مرة أذهب إليه تستقبلني رياح تكاد تكون عاصفة وكأنها تثور سروراً وبهجة بقدومي, وصوت تلاطم الأمواج لا يهدأ كلحن أنشودة مُلفت يحجب عني عتمة الحياة, وطيور النورس في رحلتها لجمع قوت يومها تبدو كبلورات ثلجية تنهال من السماء بمنظرها الأخّاذ

 ودائماً ما يعيدني البحر طفلة لعوبة تأبى الجلوس, فتارة أجمع القواقع في خرقة قماش, وتارة أصنع بيوتاً من الرمال, وفي أحيان كثيرة أراقب سنارة أبي بحماس في انتظار حركة منها لتخبرنا بأن سمكة أخرى قد انضمت إلى حصيلتنا
..

واليوم, وفي ختام كانون الأول, أتيت أقف على ضفافه مرتدية قبعة قش تحجب عني أشعة الشمس لأرى اتساعه الذي لا يُمل والممتد على طول بصري, ولأشاهد بديع خلق الله سبحانه, وبهاء عالم البحار المدهش, وأزيد بريق روحي بريقاً وأضع ختاماً حسن لعام ميلادي آخر يوشك على الرحيل ..




..هذا البحر صخب كعادته ولكنه يصون أسراري, يتخبط بأمواجه كثيراً ولكنه أصيل لا يغيره الزمان 
وهنا أقف أنا حيث أشعر بالرمال الرطبة بالأسفل من قدميّ, وتضارب الأمواج على ساقيّ, هنا أقف في منطقةٍ تجعلني أعيش في آن واحد تجربة العوم في أعماقه والوقوف على ضفته .. أنا هنا بين البرِ والبحرِ


..


Comments

Post a Comment

شاركني تعليقك!☺

Popular Posts